رواية" الإختيار" ليوري بوندرايف




بسم الله الرحمن الرحيم

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
منذ أكثر من عام وجدت علي موقع إتحاد الكتاب العرب سلسلة من الكتب الروايات للتحميل فحملت مجموعة من الروايات و كان من بينها رواية مترجمة من الروسية إلي اللغة العربية للكاتب الروسي يوري بوندرايف. بدأت قراءتها و لكن لكثرة مشاغلي كنت أنقطع عنها لأسابيع و شهور أحيانا ثم أعود إليها و إلي الصفحة التي لا أذكر أين توقفت فيها فأحسب صفحة معينة بأنني آخر ما قرأتلا أدري كيف أروي لكم علاقتي بالأدب الروسي أدب ما قبل الثورة البلشفية و ما بعدها ؟ قرأت لتولستوي و قوركي و بوشكين و دوسيستفسكي و بوندرايف من الأدباء الروس المحدثين. أكثر ما شدني إلي الأدب الروسي الشخصية الروسية و روحها، فالروس قوم مسيحيون أرثودكس لهم ميزاتهم الخاصة بهم. فشخصيتهم شخصية قوية صلبة و فيها الكثير من الطيبة و البراءة التي صارت تفتقدها الشخصية الغربية بمذهبيها الكاثولوكي و الإنجيلي.
في رواية بوندرايف كان هناك مشهدا أعده خالدا في مخيلتي لأنه علق فيها و كلما أتذكره أشعر بفيض من المشاعر الطيبة نحو الشعب الروسي : بطل الرواية أخذ زوجته إلي البندقية رغبة منه في تجديد علاقته العاطفية معها و لإصلاح ما كان يشعر به أن خللا ما إنتاب علاقتهما الزوجية. البطل كان رساما مشهورا و له إبنة في سن الزواج و في البندقية إستأجر خدمات مرشد إيطالي و كان هذا الأخير جد ثرثار ككل الإيطاليين، فعمل علي إرشادهم إلي الأماكن الساحرة في المدينة الجوهرة و في أثناء تجوالهم كانا الزوجين الروسيان يستمعان إليه و هما سارحا البال و فجأة إنتبه الإثنان إلي كلام الرجل الإيطالي الذي كان يذكر سيرة الشاذين جنسيا، فتفاجأ هو نفسه بردة الفعل الزوجين، فقد نظرا إليه بنظرة كلها إشمئزاز و قرف و إستنكار. فلم يتمالك نفسه و قال :- ماذا قلت لتحتجوا علي هكذا.
لم يجيباه لأنهما كانا يرفضان مجرد ذكر شفويا كلمتي الشاذين جنسيا فتفطن الرجل لوحده لسبب إمتعاضهم الشديد و سارع في الإعتذار قائلا:- نحن عندنا الشاذ رجلا عاديا.
فراحت الزوجة الروسية تقول بصوت كله غضب:- كيف تقول أنه رجلا عاديا ؟
و وافقها زوجها في موقفها :- الشاذ لا أدري إن كان مخلوق إنساني و لكن حتما هو شيء كريه و قبيح و شنيع.
سبحان الله هذين الزوجان نصرانيان مشركان بالله و ها هما علي خلاف حتي الكثير من المسلمين يستنكران حرية الغرب الفاجرة التي تبيح للناس عبادة الشيطان و أناهم المتألهة. الرواية طويلة و تفاصيلها أطول و مشاهدها فيها حنين إلي الماضي، إلي أيام الحرب العالمية الثانية التي عاشها بوندرايف و هو في الخامسة عشر من عمره. في البندقية إلتقي صديق الثانوية و صديق الحرب و الرجل الذي عد من طرف القوات السوفياتية بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية مفقودا و قد كان البطل بعد فقدانه يزور أمه و يسئل عنها وفاءا لصديقه المفقود و ها أن القدر يريد له بعد أربعين سنة أن يلتقي به في البندقية و أول سؤال يوجهه له هو : "كيف هي أمي الحبيبة ؟"
علت الدموع عيني، رجل مشرك إختار حياة الغرب علي ان يعود لوطنه الشيوعي ذات النظام الشمولي و ها هو لم ينسي بعد كل هذه السنين أمه التي ولدته ويسأل عنها سؤال الملهوف. كم أنت إنساني يا سيد يوري بوندرايف ؟؟؟

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

حوار عند بائع ورد

غزة كبش الفداء

لنقول عوض نكسة نكسات لا نهايةلها!!!