حوار في حضور لوحة إلكترونية


بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

أذكر أنني كنت جالسة في أحد مقاعد قاعة الإنتظار الضخمة لمطار شاردل دي غول في 1985.
كلفني والدي رحمه الله بأن أنتظر ظهور علي اللوح الإلكتروني رقم رحلتنا عبر طائرة الخطوط الجوية التونسية
بإتجاه تونس و رقم قاعة الإنتظار و ذهب و سائر أفراد العائلة للتبضع.
أخذت الكتاب الذي إشتريته في فرنسا و قد كان سيرة ذاتية للرئيس كنيدي و جلست منتظرة.
من شدة نهمي بالمطالعة غصت في الكتاب متناسية تماما مهمتي، لم يأثر ضجيج المسافرين و أصوات المضيفات عبر مكبر الصوت علي، إنما فجأة إنتبهت بأنني نسيت أن أقرأ اللوحة، فعلت ذلك و سرعان ما إطمأننت لم يظهر بعد رقم
الرحلة و رقم القاعة، عدت إلي كتابي و أنهمكت فيه
إلا أن شيء ما غامض جعلني أنظر إلي ما كان يجري حولي.
عجيب قلت في نفسي كأن شخص ما يرمقني بتركيز رهيب، علي كل حال لم أحمل هم و عدت لمطالعة الكتاب.
حينها شيء ما تحرك علي متر و نصف مني فوق أريكة الإنتظار ، في فسحة الفراغ التي أحدثها الكتاب المرفوع إلي الأعلي من جانبي. أخيرا فهمت، فقد كان هناك مسافرا شابا أوروبيا مستلقيا يرمقني تحت
صفحات جريدته. تجاهلت حركته و واصلت القراءة لأرفع عيناي علي اللوح الإلكتروني
و أقرأ رقم قاعتنا، فطويت الكتاب فإذا بصوت باللغة الفرنسية يخاطبني:
-أنت منصرفة.
- نعم. أجبت بكلمة قصيرة
رتبت الكتاب داخل حقيبتي:
-كنت تقرإين سيرة أحد عظماء أوروبا.
- لا الرئيس كنيدي أمريكي و كان رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، إعترضت علي الشاب.
فرد بلكنة ألمانية:
-بلي جون كنيدي هو عظيم من عظماء أوروبا، ألم يكن من جذور إيرلندية؟
- نعم.أجبته
-إذن ترين، فالرجل أوروبي الأصل، هل أنت مهتمة بالرئيس كنيدي ؟
-نعم فيه خصال نفتقدها في الغربيين بشكل عام خاصة منهم السياسيين.قلت له.
إبتسم الرجل، نهضت من مقعدي فقام هو أيضا و في تلك اللحظة إلتحق به رجلا آخر شبيها به، فظهرت علي علامات الدهشة:
-أنت تستغربين حجم التشابه بيننا أليس كذلك؟ ميكايل أخي التوأم، نحن ألمانيان، نأتي لفرنسا نعمل فيها فترة معينة لنجمع مبلغ مالي لنكمل مشوارنا الدراسي الجامعي و ها نحن عائدين إلي بلدنا.
فأومات برأسي راغبة في الإنصراف، فتكلم الأخ التوأم ميكايل بصوت منخفض لأخيه، فعاد هذا الأخير و قال لي :
-إنه يعاتبني لأنني أزعجتك بحديثي، نرجو أنا و أخي أننا لم نثقل عليك.
- لا أبدا، طمأنتهما وداعا. و بإنحناءة قصيرة من رأسي حييتهما و أنصرفت.

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

حوار عند بائع ورد

غزة كبش الفداء

لنقول عوض نكسة نكسات لا نهايةلها!!!